التخطي إلى المحتوى الرئيسي

اجراء انتخابات جامعية


اجراء انتخابات جامعية


أ.د. حسن منديل حسن العكيلي
كلية التربية للبنات- جامعة بغداد
aligeali@Gmail.com

ان تطبيق التجربة الديمقراطية في الجامعات أولى من تطبيقها في الاوساط الاخرى. ذلك ان التصدي للمنصب العلمي له خصوصية وقدسية. فلا بد أن يكون التصدي مستقلا خاضعا لتقاليد علمية تتاح لكل من هو مؤهل لها من غير محسوبية أو تدخل من جهات خارجية فضلا عن تحقيق المصلحة العامة والعدالة في توزيع المهام.
ثمة توصيات أو مقترحات أتقدم بها للحكومة الجديدة - بعد تشكيلها - والبرلمان الجديد آملا أن يطلعوا عليها أو في الأقل مناقشتها، اسهاما في ارساء تقاليد جامعية علمية رصينة مستقلة لبناء سياسة للتعليم العالي جديدة :

1- استقلال الجامعة استقلالا شاملا علميا واداريا، من خلال تطبيق القول الشائع بين الأوساط السياسية والجامعية : (دع الجامعة لمنسوبيها ) تطبيقا عمليا واقعيا وليس قولا أو شعارا، والنأي بها عن التدخلات السياسية. فان السياسة مهما بدت رصينة فانها لا ترى خصوصية للمناصب العلمية في الجامعات. لذا ينبغي أن يكون دورها رعاية الديمقراطية العلمية من غير التدخل في خصوصيتها.
2- الجامعات أولى من غيرها بتطبيق النظام الديمقراطي الانتخابي من رئيس القسم والوحدة العلمية فصاعدا كل سنتين أو ثلاث. وفي ذلك تتحقق المصلحة العامة والديمقراطية والعدالة، ووضع الشخص المناسب في مكانه المناسب، ناهيك عما سيحققه هذا الاجراء من قوة لمن سيتصدى للمسؤولية في التعليم العالي والبحث العلمي الى قوة المنصب ونفوذه وصلاحياته، وينأي به عن الصفقات والوساطات والاستحواذ على المناصب مدة طويلة، فبعض من يتصدى للمسؤولية في الجامعات والكليات قضى مدة طويلة في منصبه وكأنه الأوحد لهذا المنصب أو ذاك أو خلق له، مستفيدا من عدم ممارسة التجربة الديمقراطية في اجراء الانتخابات الجامعية ، وبعضهم تربّع على كراسي المناصب الإداريّة والعلمية بقرارات خارجيّة عليا وصفقات ومحسوبية. وهذه التعيينات الخارجية لا تدفع إلى هرم المناصب الإدارية الجامعية الأكفاء من الأساتذة المتميزين عقلا وحكمة ومعرفة وتخصصا وبحثا جادا، بل قد تدفع بعض الأشخاص غير الموهوبين وغير الجديرين إلى مثل هذه المناصب، تأسيسا على علاقات شخصيّة ليس لها علاقة بالقيم العلمية أو حضارية أو أكاديمية. مما يؤدي الى تخلّف التعليم العالي عندنا؟

3- من أجل هذا كله تتطلب الجامعة الاستقلالية التامة، لأن العلم لا يمكن أن ينهض إلا إذا كان حرا مستقلا، والعالم لا يعد عالما إلا إذا كان مستقلا في علمه وعمله، فإن كانت السياسة تعترف بأن من وسائلها المشروعة تقريب وجهات النظر، فالعلم لا يعرف ذلك، فلا يتجه برأيه نحو جاه أو منصب أو غير ذلك من المظاهر غير العلمية.
4- إن بعض عمداء الكليات في هذه الجامعة أو تلك – ولا سيما غير المنتخبين منهم - يعتقد أنّه مطلق التصرف في كليته، ويرى أنّه سيدها وأهمّ عضو فيها، وأنّ على جميع أعضاء الكلية أن يقدّموا له ولاء الطاعة والاحترام والتبجيل، مما يتيح الفرصة للمتملقين والوصوليين والضعفاء علميا بالظهور على المخلصين. فبهذا تتشكل حاشية تساعد على التشبث بكراسيهم على الرغم من تجاوزهم المدة التشريعية التي نصت عليها الأنظمة والقوانين والتقاليد الجامعية . وتقصي من هم أكثر استحقاقا وكفاءة واخلاصا في التصدي للمسؤلية العلمية .
5- احياء التقاليد الجامعية وهي تقاليد عادة تنشأ من خلال المسيرة العلمية والتعليمية والبحث العلمي، يمليها الواقع العلمي والاداري الرصين الذي يعايشه علماء الجامعة فتتحول الى تقاليد علمية مستقلة تمليها المسيرة العلمية والادارية الرصينة فيتمسك بها منسوبو الجامعة والبحث العلمي لأنها التقاليد الأفضل. فهي كالأعراف الاجتماعية التي يتمسك بها المجتمع وان لم تنص علها القوانين.

6- اتاحة التصدي للمسؤولية لكل من يمتلك الجدارة والمؤهلات لها، من خلال تفعيل تقاليد من شأنها تتيح التصدي للمسؤولية لكل الكفاءات المتميزة كل سنتين أو ثلاث ،أو غير ذلك من التقاليد التي يعمل بها في كثير من الجامعات العالمية، وفي ذلك جوانب ايجابية كبيرة للمصلحة العامة منها تنمية الشعور بالانتماء للبحث العلمي الحر، فضلا عن تحقيق العدالة ، ذلك أن في التصدي للمسؤلية امتيازات علمية ينبغي ألا تقتصر على بعض دون بعض، ناهيك عن الامتيازات المادية. ، والعودة الى نظام الانتخابات الذي صودر لمصالح شخصية وحزبية. ففي ذلك احترام لحقوق الاستاذ في انتخاب من يرأسه من القسم العلمي فصاعدا.

7- الاستاذ الجامعي الذي بلغ درجة علمية عالية بكثرة بحوثه ونظرياته وكتبه وتأثيره العلمي في مسيرة البحث العلمي لتخصصه، ينبغي أن تجعل الدولة منه قدوة للمجتمع وواجهة للبلاد وتاجه الأزهى، لأنه قائد أمين الى التقدم والامن والسلام ... وعلى المسؤولين اشعاره بأهميته والاعتزاز به والمفاخرة به. لا الخوف من ظهوره عليهم. والشعور بعقدة النقص اتجاهه وهو أحق بالامتيازات لمسيرته العلمية الحافلة، لكونه قائدا ايضا للمجتمع نحو التقدم والبناء، مثلا اعادة الدكتوراه العليا التي علق العمل بها لانها تمنح التدريسي المتمبز امتيازات الدرجات الخاصة على الرغم من كثرة شروطها العلمية وصعوبتها. بل الغاء شهادة مابعد الدكتوراه لأنها استحدثت في عهد النظام السابق؟؟؟


8- تشكيل لجنة محايدة سرية من الاساتذة المشهود لهم بالموضوعية والنزاهة لتقصي الحقائق ووضع معايير للحلول والعلاج ولجنة متابعة وتنفيذ ... فان من تتضرر مصالحهم سيستخدمون نفوذهم مستغلين المناصب باجهاض مثل هذه الأفكار بصورة غير المباشرة، وقد يعدونها تجاوزا على مكانتهم بل مؤامرة لا وسيلة من وسائل حرية التعبير أو مطالبة بالحقوق فضلا عن تحقيق المصلحة العامة. وكأن المنصب ملك لا يحق لغير شاغله.


9- تسليط الأضواء على علماء العراق والكفاءات واتاحة الفرص أمامهم، وتشجيعهم في الظهور والنشر اسوة بالدول الاخرى. فان وسائل الاعلام ومنها التابعة للدولة تعنى بالسياسي عناية تفوق العناية بالعلماء. وأحسب أن هذا حق من حقوق الاستاذ الجامعى المتميز، لنهيئ له المكانة اللائقة به. ونتيح له الامتيازات العلمية والمادية لكل من يستحقها على وفق معايير عادلة دورية تشمل الجميع ومن يرغب فيها.


10- مساءلة الذين استغلوا الفرص للارتقاء الى المناصب العلمية من غير حق وباستغلال الوساطات والمجاملات على حساب العدالة في منح الفرص لمستحقيها. غير ذلك مما يعد فسادا علميا واداريا يحاسب عليه القانون. فثمة من يرقى علميا بغير حق باستغلال منصبه في التأثير على الموظفين. ومن يقدم خدمات لجهات نافذة فتكون المنفعة متبادلة. مستغلين مراكزهم للمصلحة الشخصية فتوجه المسؤول الى غير واجبه والابتعاد عن تخصصه كالصفقات السياسة والتجارية.

ان المؤسسات العلمية تمثل الركائز الأساسية التي تعول عليها الشعوب في بناء حضارتها وتقدمها . لذا من الواجب علينا التنبيه الى أي سلبية وعرضها تحت أنظار السادة المسؤولين مهما كان حجمها ودرجة تأثيرها. والسعي الى معالجتها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدراسة المسائية ، مشكلات وحلول

بسم الله الرحمن الرحيم الدراسة المسائية ، مشكلات وحلول ورقة عمل مقدمة الى المؤتمر الثاني لضمان الجودة والاعتماد الأكاديمي - جامعة الكوفة    كانون الأول 2010 أ.د. حسن منديل حسن العكيلي كلية التربية للبنات- جامعة بغداد aligeali@Gmail.com   توطئة   :       الحمدُ لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على نبيّنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين وسلم تسليماً كثيراً ، وبعد...   فقد أسست الدراسة الجامعية المسائية في الجامعات العراقية الحكومية، في تسعينيات القرن الماضي في محاولة من الحكومة العراقية في ذلك الوقت لفتح منفذ لتمويل التعليم الجامعي، فضلاً عن استيعاب أكبر عدد ممكن من الطلاب بالإمكانات نفسها من بنايات وأثاث كما انها تمثل مصدر دخل جيد للأساتذة في مرحلة الحصار الذي شهده العراق آنذاك . ناهيك عن أهداف أخرى منها:         الحاجة الملحة والضرورة التي تتطلبها المصلحة العامة. وهي اتاحة الفرصة لمن لم تسنح له الفرصة في أكمال دراسته الجامعية من الموظفين غير المتفرغين للدراسة الصباحية, وخريجي المعاهد والدراسة الاعدادية الذين تجاوزت أعمارهم السن القا

الأسلوبية العربية الإسلامية

المقدمة:     الحمدُ لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على نبيّنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ، وبعد...       فالبحث يتناول قضيتين من قضايا الأسلوبية لدى الدارسين العرب المعاصرين ، ويحاول الاجابة عنهما.      الأولى: قضية تطبيق الاسلوبية الغربية المعاصرة على النص القرآني. من غير مراعاة خصوصية النص القرآني من حيث المرسل والمتلقي والرسالة.      والقضية الثانية:   جذور الأسلوبية في الموروث البلاغي العربي. ورآى الباحث : أن أوضح جهود للقدامى يمكن عدّها اسلوبية تنسجم مع دراسة النصّ العربي الإسلامي وتحليله تحليلا اسلوبيا معاصرا مؤسسا على خصوصية النص العربي الاسلامي الذي ينأى عن النصوص الغربية وانظمتها اللغوية ، تتجلى في جهود علماء إعجاز القرآن القدامى، وتطبيق الزمخشري علم المعاني في تفسيره الذي يستنبط الدلالة من كل مكونات النص . يمكن تسميتها بالاسلوبية العربية الاسلامية، وهي أسلوبية قائمة على النصّ الإسلامي: القرآن والأدب الإسلامي المؤسس على العقيدة الإسلامية وما تتضمنه من تصور للوجود ( [1] ) . تقابل الاسلوبية الغربية المستقاة من أدبهم ومعتقداتهم وفلسفات

الثقافة اللغوية / خلقة 1

                           الثقافة اللغوية                                                              أ. د. حسن منديل حسن العكيلي                                 ý يعتقد كثير من ذوي الاختصاصات العلمية أنهم غير محتاجين الى معرفة أسس اللغة السليمة ما دام الأمر متعلقا بالفهم والايصال فحسب. وهو اعتقاد واهم ذلك إن من لا يمتلك الحدَ المعقول من سلامة اللغة، لا يستطيع إيصال علمه إلى الآخرين بتعبير دقيق. لذلك أغفلوا العناية باللغة في كتاباتهم من حيث الالتزام الدقيق بالمعايير اللغوية والنحوية، لأنهم لا يرون للعناية باللغة دورا أساسا في التواصل اللغوي ونقل المعلومات في نتاجا تهم.    إن الثقافة اللغوية العامة جزء أساس من مكونات شخصية المثقف، ينبغي عليه أن يكتسب بعض المهارات اللغوية التي تتصل بأصول اللغة وأسسها السليمة، أو التي تتصل باللغة من حيث الأساليب وطرائق التعبير المختلفة ولاسيما التعبير الواضح المؤثر بالمتلقي. وأقصد بالمثقف هنا المتخصص بالعلوم المختلفة (غير اللغوية)   والعاملين في الوظائف الكتابية ، وفي مجالات التخاطب المختلفة والتواصل اللغوي ونقل المعلومات ، كالإعلامي والتدريس